مما لا شك فيه أن هناك حالات تستدعي تخصيص حصص مجانية للتكوين والتأطير، يشرف عليها إطار جمعوي وفاعل مدني مرتبط بشكل مباشر ويومي بالواقع المعيش، حيث تهدف هذه الحصص إلى تكوين فئة ممن يجهلون قراءة وفهم نصوص الوثيقة الدستورية المغربية لسنة 2011. هذه النصوص الذي لم تُدرج من قبل السلطة التأسيسية الفرعية بشكل اعتباطي أو عفوي، بل جاءت نتاج فلسفة دستورية مدروسة، تعبيرا عن إرادة مؤسسة تسعى إلى إرساء دعائم نظام دستوري حديث، يقوم على مرتكزات الحكامة الجيدة، وفصل السلط، والديمقراطية التشاركية، وربط المسؤولية بالمحاسبة، وغيرها من المبادئ التي تؤطر البناء المؤسساتي بالمغرب والذي يجعل في قلبها الشباب واليافعين
وبإيجاز، فإن الفصل السابع من الوثيقة الدستورية لسنة 2011 واضح في مضمونه، حيث ينص على أن الأحزاب السياسية تعمل على تأطير المواطنات والمواطنين وتكوينهم السياسي، وتعزيز انخراطهم في الحياة الوطنية، وبالتالي لم يحدد هذا الفصل سنًّا بعينه لهؤلاء المواطنات والمواطنين، مما يعني ضمنًا أن الناشئة واليافعين معنيون كذلك بهذا التأطير. لهذا نقول فإن أي تفسير ضيق أو إنتقائي لهذا الفصل يعتبر إقصاء غير مبرر لفئة عمرية محورية في مشروع البناء الديمقراطي، ويكشف نوعًا من الأمية الدستورية لدى البعض، حتى في صفوف الفاعلين السياسيين أنفسهم.
وفي نفس السياق، إن المواطنة لا تبدأ فقط عند سنّ التصويت، بل تبنى منذ سنوات التكوين الأولى عبر التربية والتنشئة على القيم الدستورية، والممارسة السياسية والجمعوية. فمنا من يمارسها بشكل مباشر أو غير مباشر، ما نحتاجه فقط هو القليل من الجرأة حتى نؤمن باليافعين والشباب، وندمجهم في اللقاءات التواصلية. لنردد جميعا نفس السؤال حتى تعالج أزمة التكوين: +لماذا نتكلم عن التواصل وأغلب الأحزاب تقصي اليافعين والشباب؟ فهذا هو جوهر العزوف السياسي لدى هذه الفئة الأساسية في المجتمع!!
نافلة القول، فإن الأحزاب السياسية مدعوة لتحمل مسؤوليتها، والانخراط الجدي في هذا الورش التربوي والتكويني الجديد. وهي رسالة واضحة ومباشرة كذلك لمن يهمهم الأمر، دون الحاجة إلى تعقيد الخطاب أو إغراقه في مزيد من التحليل، لأن من لا يعترف بأهمية هذا البناء الديمقراطي، لن تُجدي معه التفاصيل.
أضف تعليقك
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.