مادمنا نكتب فنحن أحياء
إن إصلاح الإدارة المغربية الذي يقوده جلالة الملك محمد السادس حفظه الله، يشكل أحد أهم مرتكزات الدولة العصرية التي تبنّتها الدولة المغربية، ويترجم إرادة ملكية سامية في ترسيخ أسس الحكامة الجيدة. لهذا فالنهوض بقطاع حساس ومهم يمس كرامة وحقوق المواطن المغربي، يدفع أغلب الوزارات وأجهزتها الجهوية، للقيام بمجهودات كبيرة لإنجاح هذا الورش الوطني بكل مسؤولية والتزام.
لكن، وكما هو الحال دائما ، فإن كل عملية إصلاح عميقة تُواجه بمقاومة خبيثة من طرف جيوب الفساد الإداري، التي كانت تستفيد من ريع قديم متغلغل في عروقهم، حيث يعتبرون الإدارة مجالا لتصفية الحسابات وتبادل الامتيازات. وما إن تُغلق أمامها أنابيب الاستفادة غير المشروعة، حتى تتحول إلى أدوات هجوم وفتنة، أشبه بـ"الكلاب المسعورة"، تنهش المؤسسات من الداخل، وتشكك في كل مجهود صادق، محاولة جر النقاش إلى مستنقع تصفية الحسابات الشخصية، بدل الانخراط في بناء إداري حديث نزيه.
إن من يُحركون بعض الأطر الإدارية لتفجير الوضع من الداخل ، لا يخفون علاقتهم بالمحسوبية والزبونية، وهم أول من يجب أن ينقّي سجله الإداري والأخلاقي، قبل أن يتحدث عن الشفافية. وكقاهر الفساد الإداري، لا يمكن أن نسمح بأن تتحول الأطر الإدارية إلى دمى تُستخدم لضرب مؤسسات الدولة، فهؤلاء موظفون في خدمة الإدارة المغربية، لا خدمًا لأجندات ضيقة أو ولاءات شخصية.
ومن أبشع مظاهر الانحراف المهني، تسريب ما يُقال داخل الاجتماعات الرسمية، وتحوير الكلام لخدمة سيناريوهات مظلمة، تخدم فقط مَن فقدوا امتيازاتهم ويحاولون الانتقام من مؤسسات الدولة. فهذا السلوك لا يليق بمن يحترم نفسه أولًا، ولا المرفق العام ثانيًا، ويُعد من أحقر الصفات التي تضرب في العمق مسار الإصلاح الإداري ببلادنا.
إننا اليوم أمام لحظة تاريخية، إما أن نختار الانخراط الجماعي في الإصلاح، بروح المواطنة والالتزام، وإما أن نُسلم الإدارة لضحايا الحسابات الضيقة، الذين لا ولاء لهم إلا لمصالحهم، ولا ضمير لهم يمنعهم من تحريف الوقائع وبث الفتن، وهو أسلوب أصبح ينبذه التاريخ المعاصر، أسلوب الفئوية، لأن المواطن أصبح أكثر وعيا بالممارسات التي يستخدمها لقضاء مصالحهم ومآربهم الشخصية، اللهم إذا كانت الكفاءة، فمرحبا. لنحفظ كرامة الإدارة المغربية، ولنُعلي من قيم الحوار والمؤسسات، بعيدًا عن أساليب التشهير والتشويش. فالإصلاح ليس مجرد شعار، بل مسار نبنيه بالإخلاص وليس بالجعجعة، والوطنية لا بالاسترزاقية، رسالة إلى الأحزاب السياسية ونقابتها الفئوية.
الاصلاح الاداري و محاربة الفساد ضرورة ملحة من اجل تنمية مستدامة في صالح الشعب المغربي
أضف تعليقك
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.