...جار التحميل

لا تجعل نفسك سلة نفايات نفسية

عبدالصد اقباي

تم نسخ الرابط !
تم نسخ الرابط !
15 أبريل 2025 à 10h15

في عالم يغرق بالمحتوى، وتكثر فيه المقارنات والضغوط، أصبحنا نستهلك كل شيء دون وعي… أخبار، صور، مشاعر، حتى طاقة الآخرين السلبية. لكن، هل توقفت يوماً لتسأل نفسك: ماذا أدخل إلى عقلي كل يوم؟ وهل أنا فعلاً أرتاح، أم أنني فقط أملأ نفسي بنفايات نفسية تقتلني ببطء؟ اقرأ هذا المقال حتى النهاية، فقد يكون نقطة تحول في طريقة تعاملك مع وقتك، نفسك، وهاتفك.

في زمن تتسارع فيه وتيرة الحياة، وتزداد الضغوط اليومية، يبحث الإنسان عن لحظات للراحة وإعادة الشحن. لكن من المفارقات المؤلمة أن الكثيرين صاروا يخلطون بين الراحة الحقيقية ووهمها، لدرجة أن ما نعتقده "راحة" أصبح في جوهره سبباً إضافياً للتوتر والضغط النفسي.

حين نشعر بالإرهاق، نلجأ تلقائياً إلى الهاتف، نفتح شبكات التواصل الاجتماعي، ونغوص في بحر لا ينتهي من المقاطع والمنشورات، في اعتقاد ساذج أننا بذلك نرتاح. لكن الحقيقة أن الدماغ يتعرض في تلك اللحظات لكمّ هائل من المعلومات، مما يضاعف مستويات التوتر عوض أن يخففها.

يتحول دماغ الإنسان إلى ما يشبه "سلة نفايات نفسية"، تستقبل بقايا أفكار، ومشاهد، وتعليقات، ومقارنات، أغلبها لا فائدة منه، وبعضها يؤذي بشكل مباشر.

فنرى من يتأثر بصور لأشخاص يبدون ناجحين وسعداء، بينما هم في الواقع يعيشون حياة مكسورة خلف الكواليس. لكن المتابع لا يرى إلا الواجهة، فيبدأ بمقارنة نفسه، وينقص من قدر ذاته، دون أن يدرك أن ما يراه مجرد مسرحية رقمية.

الأصل في الراحة أنها لحظة قصيرة، لكنها ضرورية. كالبطارية التي تحتاج ساعة شحن لتعمل بعدها ساعات طوال. لكن إن لم تُشحن، فلن تعمل. وهكذا هو الإنسان، يحتاج وقتاً قصيراً فعلاً للراحة، بشرط أن تكون راحة حقيقية: عبادة، تأمل، تواصل اجتماعي نافع، أو ترفيه بريء ومتوازن.

الإشكال ليس في الهاتف أو في شبكات التواصل، بل في غياب "المرجعية" التي تهدي الإنسان لما ينفعه ويبعده عما يضره. المسلم الذي يحتكم إلى الوحي، يعلم أن لكل وقت حقه: وقت للعمل، وقت للعبادة، وقت لصلة الرحم، ووقت للترويح عن النفس. ولكن عندما تغيب هذه المرجعية، يصبح الإنسان عبداً لهواه، ويضيع في زحمة المحتوى الرقمي.

الراحة الحقيقية ليست في الهروب من الواقع، ولكن في تنظيم الوقت، وفي تخصيص "ساعة" حقيقية للراحة، كتكون قصيرة ولكن فعالة. كيفما التليفون كيشحن ساعة باش يخدم 10 ساعات، حتى الإنسان خاصو يرتاح ساعة بوعي باش يكمل يومه بطاقة.

الإمام الغزالي رحمه الله تكلم عن هذا المعنى، وبيّن أن الحياة تحتاج إلى توازن: وقت للجد، وقت للعبادة، ووقت للراحة. لكن المشكل اليوم هو أن ساعة الراحة ولاّت كتحتل اليوم كامل، وبالتالي ما بقاتش راحة، بل ولاّت ضياع. رسالة المقال بسيطة وواضحة: ماشي كل حاجة كتشوفها راحة، هي فعلاً راحة. الراحة الوهمية أخطر من التعب، لأنها تسرق وقتك وطموحك بلا ما تحس.

.إذا وجدت في هذا المقال تذكيراً مفيداً، فلا تحتفظ به لنفسك. شاركه مع من تحب، فقد تكون سبباً في إيقاظ وعي شخص ضائع في وهم الراحة. لنبنِ معاً وعياً نفسياً وروحياً يحمينا من التشتت والضياع.

أضف تعليقك

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

  • المهدي
    15 أبريل 2025 الساعة 10:19

    كلام من ذهب! فعلاً دخلنا فدائرة الراحة الزائفة، وكل نهار كيزيد الضغط. التنظيم والوعي هوما الحل.

    1 0
// Function dyal Copy Link top // Function dyal Copy Link bottom